Sarah Beydoun

ان كان الفن هو شكل من أشكال التعبير عن مجمل العواطف التي تختلج النفوس البشرية وان كان الابداع هو احد نتاجه ولون من ألوان الثقافة الانسانية فكانت المبدعة اللبنانية سارة بيضون ومن خلال تصاميمها المميزة والأخاذة عنوان لذلك في مجالها..! فالحرفي يعمل بيديه، والمهني بعقله أما سارة فهي تعمل بقلبها وعقلها ويديها معا. فهي التي أطلقت مشروعها على أسس انسانية بحتة واستطاعت أن تحول مآسي وآلام عدد من السجينات في لبنان الى آمال تكبر أمامهم ويرونها تتجسد بكل بساطة على شكل حقائب يدوية الصنع وصلت الى احدى ملكات العالم وتتنقل بين أيادي أرقى سيداته.. مما دفع مؤسسة “الأعمال من أجل السلام” العالمية الى تكريمها من خلال حصولها على جائزة “”Business for Peace للعام 2016 وذلك في العاصمة النرويجية أوسلو..
فمن هي سارة وما هي قصة نجاحها؟

عل شموخ أرز لبنان الممتزج بعبق الأصالة والطيبة المنبعثة من شجرة زهرة الليمون الفواحة رسما هيكلا لإبداع دفين تفجرت ينابيعه منذ ستة عشر عاما”..أخبرينا عنك وعن نشأتك ودراستك واهتماماتك قبل أن نستفيض بالحديث عن مسيرتك المهنية.
“Sarah’s Bag” هي وليدة رحلة غير تقليدية حيث أنها بدأت ببحث ميداني عندما كنت احضر رسالة الماجستير في علم الاجتماع مما قادني للعمل ولمدة ستة أشهر مع دار الأمل وهي منظمة غير حكومية تعنى بتأهيل النساء المهمشات المحتاجات في لبنان. ان الوقت الذي أمضيته هناك ترك أثرا عميقا في نفسي حيث ولدت لدي الرغبة في البدء بمشروع وإيجاد مصدر دخل من شأنه تحسين مستوى معيشة النساء اللواتي التقيتهن..
وفي شهر مايو من العام 2000 بدأت العمل مع سجينات مدربات على تقنيات وأصول العمل اليدوي كشك الخرز، التطريز الحياكة وغيرها. فقد كنت أقوم بزيارة السجن ثلاث مرات أسبوعيا للعمل معهن على تصاميمي وهكذا شكلت نواة الفريق الأساسي من الحرفيات الماهرات.

من تحضير رسالة الماجستير في علم الاجتماع والتي تمحورت حول موضوع “النساء في السجون” الى مصممة حقائب ذائعة السيط تدق أبواب العالمية، نقلة نوعية ورحلة
أمسكت من خلالها بيد سجينات مهمشات وأعدت لهن الثقة بالحياة وبقدراتهن. لماذا السجينات وما هو دورهن في مشروعك؟ أطلعينا على أبرز المصاعب التي واجهتك في مقتبل الطريق معهن.

بادﺉ ذي بدء، عل التحدي الأكبر كان يكمن في التحول بالمشروع من من كونه اجتماعي صرف يهتم بتأهيل النساء المهمشات الى مؤسسة اجتماعية متكاملة وعلامة ازياء في ان تطلق مجموعتين من الحقائب سنويا. فعندما أطلقت “Sarah’s Bag” العديد من السجينات اللواتي عملت معهن كن يعانين من مشاكلات نفسية وصدمات عصبية وشعور بالإحباط فكان من الصعب إتمام العمل بصورة والشكل الملائمين وبطريقة متناسقة على نحو متواصل .فقد استغرقنا مدة ليست بالقليلة قبل ان نتحول الى فريق متناغم من الحرفيات بالإمكان التعويل عليهن متمكنات وتستطعن تسليم الأعمال التي تعكس جمال المهارات اليدوية مع الالتزام بالتسليم ضمن فترات زمنية محددة.
أما على الصعيد الشخصي، ان أبرز تحدي واجهته كان يتمحور حول تعلم المهنة بحد ذاتها ومن كافة الأطر والجوانب..اذ أنني لم أتخصص في مجال التصميم الا انني لا طالما كان يتملكني الشغف والعشق لكل ما هو فني وتواقة لكل ما يتعلق بالخلق والإبداع وخصوصا في مجال الموضة. أيضا، فأنا لم أكن على دراية كاملة بكيفية تأسيس عمل اجتماعي إلا أنني كنت أشعر بالاندفاع الى ابعد الحدود تجاه انجاح مشروع “Sarah’s Bag” وان أشاطر أولئك السيدات هذا النجاح.
فمن خلال “Sarah’s Bag” حظيت بفرصة تأسيس شركة ذات بصمة وأثر إيجابي على الصعيد الاجتماعي وهذا ما يشعرني بالرضا والاكتفاء العميقين. بالاضافة الى ما تقدم، فان هذا النوع من المشاريع يخلق للمرء أهدافا يسعى وراء تحقيقها في حين أن المشاريع التجارية الربحية التقليدية تفتقرلهذا الدافع.

ولكل حقيبة قصة..فهناك مجموعة تحدثنا عن حضارة شرق أوسطية بامتياز وأخرى تنقلنا الى المكسيك بسحره وثقافته حتى نصل الى مجموعة افريقية صاخبة الألوان مستلهمة من غابات الفواكه الاستوائية كما أنك لم تغفلي ادخال ال Pop Art ..أيضا نالت الأدوية الطبية حيزا” لا بأس به من تصاميمك. اذن هذا التنوع الهائل المفعم بالألوان والأفكار والذي يرتقي الى مستوى فن خاص في مجال تصميم الحقائب، هل ترينه يحاكي ذوق المرأة العربية والخليجية الكلاسيكية على وجه الخصوص أم أنه موجه أكثر للمرأة العصرية؟
ان اكثر ما يلفتني واحبه بالمرأة الشرق أوسطية إذا ما صح التعبير، انها تعيش حالة تطور وارتقاء دائمين! فبالرغم من مجمل الصعوبات والتحديات، أن السيدات العربيات مثقفات، متطلعات وأصبحن ناشطات في شتى المجالات الاجتماعية، السياسية، الأعمال والفنون بوتيرة متصاعدة. أظن أنه علينا أن ننظر إلى إمكانات المرأة العربية ومكامن قوتها من كافة الجوانب وهذا ينطبق في مجال الأزياء والموضة أيضا”. فقد وجدت أن المرأة العربية هي عاشقة للموضة والجمال وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بتراثها العريق ولا تبتعد عن ثقافتها الخاصة في حين أنها منفتحة على التجديد حيث أنها تبحث عن الخلق والإبداع أينما وجد في العالم. وحسب اعتقادي، عل هذا ما يفسر إعجاب زبوناتي من منطقة الشرق الأوسط تحديدا” وحبهم لل pop culture kitch بالإضافة إلى قطعنا الكلاسيكية التي تثني على حضارتنا العربية التي نفخر بها.

قد يرى البعض أن أعمالك تتماهى بدرجات معينة مع ذوق المرأة الغربية، ما رأيك؟ بما أن الحقيبة تشكل جزءا” من هوية المرأة، فمن هي السيدة التي تحمل “Sarah’s Bag”؟ عددي لنا أهم مشاهير العالم اللواتي اقتنين من تصاميمك.
السيدة التي تحمل “Sarah’s Bag”علها تقدر وتبحث عن الموضة والفكرة في آن معا”. فهي لا بد أن تكون مبدعة وخلاقة، ترغب في التعبير عن ذاتها وبالتأكيد تتمتع بحس فكاهي. حتى أنها ومن خلال شراء حقائبنا قد تجد نفسها تحقق هدفا بشكل أو بآخر وذلك عن طريق تمكين المرأة لأنها تدرك أنها تساهم بشكل إيجابي في تحسين حياة أولئك النسوة المحرومات والمهمشات.
نحن نسعد وينتابنا شعوربالرضى والاعتزاز عندما نرى أن حقائبنا قد حملت من قبل سيدات يحظون باعجابنا وتقديرنا ولهن أسلوبهن الخاص وبصمتهن كجلالة الملكة رانيا العبدالله – ملكة المملكة الأردنية الهاشمية -، المحامية امل علم الدين كلوني، المخرجة اللبنانية نادين لبكي والممثلة الفرنسية كاثرين دونوف.

ما هي أبرز المواد والأدوات التي تستخدمينها في صناعة الحقائب مع التنويه أن مجموعتك الأولى يدوية الصنع (12 حقيبة) كانت من صنع خمس سجينات؟ معدل سعر الحقيبة؟ وكم من الوقت يستغرق صنعها؟
أن الحقائب والإكسسوارات التي نقوم بتصميمها كلها صناعة يدوية تعتمد على تقنيات حرفية بامتياز كشك الخروج التطريز الحياكة، الخ.. لذلك نقوم باستخدام الكثير من الخرز، الخيوط والأقمشة إلى جانب الجلود والخشب. أما لناحية الفترة الزمنية، فقد تستغرق الحرفية حوالي 25 ساعة لإتمام العمل الواحد مع ضرورة التنويه إلى أننا لا نقوم بتصميم كميات كبيرة دفعة واحدة. أما لجهة الأسعار، فهي مدروسة بتأن كي تتماشى مع إمكانات شريحة واسعة من النساء. معدل سعر الحقيبة هو 350$ أمريكي.

ما هو جديدك في عالم التصميم الى جانب الحقائب؟
إلى جانب الإكسسوارات المنزلية التي كنا ولا زلنا نقوم بتصميمها منذ أعوام (كالوسادات الجانبية ، مكابح الأبواب)، فنحن أيضا نقوم بتصميم القحطان، لباس البحر، إكسسوارات، تذكارات حديثي الولادة والهدايا الصغيرة التي توزع في الاحتفالات. موقعنا الإلكتروني يجمل كافة المنتجات ويعطي صورة وافرة عنها:www.sarahsbag.com
جديدنا في رمضان المقبل يتضمن مجموعة من العباءات كما أننا نعمل على إطلاق مجموعة ضخمة من لوازم البحر كالحقائب والمناشف المخصصة لشاطئ البحر هذا الى جانب ال tuniques (السترات الفضفاضة) وذلك ضمن مجموعة صيف 2017 .

من ينافس سارة بيضون في مجالها؟ وماذا تقولين لمن يحاول نسخ أفكارك وتقليدها (اذا ما وجد)؟ لمن تقولين “شكرا” من القلب”؟
صدقا انا جد فخورة بالمجتمع اللبناني المبدع والنابض بالحياة الذي، ورغم كل العوائق التي تعترضه يتابع تألقه. لذلك اقول ان المنافسة مفيدة، وملهمة. أظن أنه من خلال التمسك بالأصالة، الابتكار والالتزام برسالتنا الأصلية المتمحورة حول تمكين المرأة المهمشة تمكنا من تحقيق نمو مطرد على مدى الستة عشرة عاما الماضية وكسبنا طلبا عالميا دفعنا إلى ابتكار مجموعات جريئة ومثيرة.
أود أن أتوجه بالشكر لكل امرأة آمنت بنا ودعمت قضيتنا، كل امرأة مثلتنا كسفيرة من خلال اقتناء تصاميمنا ونشر قصتنا.


أطلعينا على انتشار علامة “Sarah’s Bag” ونقاط البيع في منطقتنا العربية تحديدا”؟ هل تشاركين في المعارض الدورية؟
لدينا 30 مركز بيع في 21 دولة حول العالم. في الشرق الأوسط نحن متواجدون:
Seaside Luxe – المنامة، مملكة البحرين
Boom and Mellow – O De Rose – Etoile La Boutique دبي، الامارات العربية المتحدة
Etoile La Boutique – Bloom الرياض، المملكة العربية السعودية
Etoile La Boutique جدة، المملكة العربية السعودية
Etoile La Boutique دولة الكويت

ونحن ومنذ سنوات طوال نحرص على المشاركة في المعارض ذات الصلة والتي تقام في منطقتنا العربية، أبرزها:

معرض بيت السدو في دولة الكويت، بتاريخ 27 أكتوبر- تشرين الأول من العام الجاري.
معرض دكاكين في الرياض، الذي يقام في شهر ديسمبر- كانون الأول (مشاركتا الأولى)
معرض عطايا في ابوظبي، الذي يقام في شهر مايو- أيار
معرض بساط الريح في جدة، الذي يقام في شهر يونيو- حزيران

بقلم ليالي حمود

Other Believers